ارتفاع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى 11 ألف ليرة – ما الذي يجري؟
ارتفاع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى 11 ألف ليرة – ما الذي يجري؟

شهدت الليرة السورية خلال الساعات الماضية تحسنًا ملحوظًا في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، حيث بلغ سعر الصرف اليوم الاثنين الموافق 13 مايو 2025 نحو 11 ألف ليرة لكل دولار أمريكي واحد، مقارنة بـ 12 ألف ليرة في اليوم السابق. هذا الانخفاض الحاد في سعر الدولار يُعد أول تحسن حقيقي منذ عدة أشهر، وهو ما أثار تفاعلاً واسعًا بين المواطنين والاقتصاديين.
الأسعار الرسمية حسب مصرف سوريا المركزي
أصدر مصرف سوريا المركزي نشرة رسمية اليوم حدد فيها سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي عند:
- سعر الشراء: 11,000 ليرة سورية
- سعر البيع: 11,110 ليرة سورية
- السعر الوسطي: 11,055 ليرة سورية
أما بالنسبة لليورو الأوروبي، فقد حدد البنك المركزي الأسعار على النحو التالي:
- سعر الشراء: 12,227.60 ليرة سورية
- سعر البيع: 12,349.87 ليرة سورية
- السعر الوسطي: 12,288.74 ليرة سورية
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأسعار هي خاصة بالمعاملات الرسمية التي تتم عبر المصارف وشركات الصرافة المرخصة، وهي غالبًا أقل من أسعار السوق الموازية (غير الرسمية) التي تشهد تقلبات يومية حادة.
الخلفية التاريخية: كيف وصلنا إلى هذا المستوى؟
لم يكن انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي نتيجة طارئة، بل هو محصلة سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي بدأت منذ عام 2011. ففي بداية الحرب، كانت قيمة الدولار لا تتجاوز 50 ليرة سورية، لكن مع مرور السنوات، ونتيجة:
- الحرب المستمرة
- العقوبات الدولية
- التضخم المتسارع
- انهيار البنية الاقتصادية والإنتاجية
وصل سعر الدولار إلى مستويات قياسية، تجاوزت 15 ألف ليرة سورية في بعض الأيام من عام 2024. أما الآن، فإن العودة إلى مستوى 11 ألف ليرة تعد مؤشرًا مشجعًا، وإن كان لا يزال بعيدًا عن التعافي الحقيقي.
ما الذي دعم هذا الارتفاع المفاجئ؟
يعود هذا التحسن في سعر صرف الليرة السورية إلى مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، منها:
1. تدخل البنك المركزي
رفع البنك المركزي سعر الشراء الرسمي للدولار إلى 12 ألف ليرة في وقت سابق، مما أعطى رسالة قوية للسوق بأن هناك دعمًا حقيقيًا لليرة. هذا القرار جعل من الصعب على الصرافين رفع الأسعار بشكل عشوائي.
2. انخفاض الطلب على الدولار
خلال الأيام الماضية، شهدت عمليات الاستيراد تراجعًا بسبب انخفاض السيولة بالعملة الأجنبية لدى التجار، مما خفض الضغط على سعر الصرف.
3. تحسن الطاقة الاستيعابية للمواطنين
مع استقرار الرواتب وارتفاعها النسبي، زادت القدرة الشرائية للمواطنين، مما ساعد على تنشيط بعض القطاعات المحلية، وبالتالي تقليل الاعتماد على الواردات.
4. استقرار الأوضاع الأمنية
ساهم تحسن الوضع الأمني في بعض المناطق السورية في تعزيز الثقة بالاستثمار المحلي، مما انعكس إيجابًا على العملة الوطنية.
ماذا يعني هذا الارتفاع للمواطنين؟
إن انخفاض سعر الدولار أمام الليرة السورية له آثار مباشرة على حياة المواطن السوري، ومن أبرزها:
- انخفاض أسعار السلع المستوردة: مثل المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية.
- تحسن القدرة الشرائية: خاصة لمن يتقاضون رواتبهم بالليرة السورية.
- دعم المشروعات الصغيرة: بتوفير أدوات الإنتاج المستوردة بتكاليف أقل.
- استقرار النفقات الشهرية: مما يساعد الأسر على التخطيط المالي بشكل أفضل.
هل يمكن لهذا الارتفاع أن يستمر؟
رغم التحسن الحالي، فإن الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن هذا الاستقرار قد يكون هشًا إذا لم تُتخذ خطوات شاملة لدعم الاقتصاد الكلي، مثل:
- إعادة تنشيط القطاع الزراعي والصناعي
- تعزيز الصادرات وتنويع مصادر الدخل
- التحكم بالتضخم وضبط السياسة النقدية
- التوصل إلى حل سياسي شامل يوقف حالة عدم اليقين
وبحسب تقديرات بعض المؤسسات المالية الدولية، فإن تحقيق استقرار دائم لليرة السورية يتطلب تدفق استثمارات أجنبية جديدة ودعمًا من المنظمات الدولية.
الخلاصة
ارتفع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى 11 ألف ليرة، وهو تحسن مرحلي مهم يحمل بداخله مؤشرات إيجابية للاقتصاد السوري. ومع ذلك، فإن استمرارية هذا الارتفاع تتطلب بناء استراتيجية اقتصادية شاملة تركز على:
- استعادة ثقة المستثمرين
- تحسين البنية التحتية الإنتاجية
- التحكم في التضخم وتوفير فرص عمل
وفي الوقت الذي يأمل فيه السوريون أن تكون هذه الخطوة بداية لعودة الاستقرار، يبقى الواقع الاقتصادي معقدًا ويحتاج إلى وقت وجهود متواصلة لتحقيق التعافي الشامل.
المصادر:
إرسال التعليق